سؤال للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله (هل الكفار مكتوب عملهم في الأزل)
صفحة 1 من اصل 1
سؤال للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله (هل الكفار مكتوب عملهم في الأزل)
(200) وسئل فضيلته: هل الكفار مكتوب عملهم في الأزل؟ وإذا كان كذلك فكيف يعذبهم الله-تعالى-؟
فأجاب فضيلته بقوله : نعم الكفار مكتوب عملهم في الأزل ، ويكتب عمل الإنسان أيضاً عند تكوينه في بطن أمه كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – قال : حدثنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وهو الصادق المصدوق: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه –أربعين يوماً ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه ، وأجله ، وعمله ، وشقي أم سعيد". فأعمال الكفار مكتوبة عند الله –عز وجل-معلومة عنده والشقي شقي عند الله – عز وجل ـ في الأزل ، والسعيد سعيد عند الله في الأزل. ولكن قد يقول قائل كما قال السائل : كيف يعذبون وقد كتب الله عليهم ذلك في الأزل؟
فنقول : إنهم يعذبون لأنهم قد قامت عليهم الحجة وبين لهم الطريق، فأرسلت إليهم الرسل ، وأنزلت الكتب ، وبين الهدى من الضلال ورُغِّبوا في سلوك طريق الهدى، وحُذِّروا من سلوك طريق الضلال ، ولهم عقول ولهم إرادات ، ولهم اختيارات ولهذا نجد هؤلاء الكفار وغيرهم أيضاً يسعون إلى مصالح الدنيا بإرادة واختيار ، ولا نجد أحداً منهم يسعى إلى شيء يضره في دنياه أو يتهاون ويتكاسل في أمر نافع له ، ثم يقول : إن هذا مكتوب علي. أبداً فكل يسعى إلى ما فيه المنفعة ، فكان عليهم أن يسعوا إلى ما فيه منفعة أمور دينهم كما يسعون إلى ما فيه المنفعة في أموردنياهم ، ولا فرق بينهما بل إن بيان الخير والشر في أمور الدين في الكتب المنزلة على الرسل ، عليهم الصلاة والسلام ، أكثر وأعظم من بيان الأمور الدنيوية ، فكان عليهم أن يسلكوا الطرق التي فيها نجاتهم والتي فيها سعادتهم دون أن يسلكوا الطرق التي فيها هلاكهم وشقاؤهم .
ثم نقول : هذا الكافر حين أقدم على الكفر لا يشعر أبداً أن أحد أكرهه، بل هو يشعر أنه فعل ذلك بإرادته واختياره ، فهل كان حين إقدامه على الكفر عالماً بما كتب الله له؟ والجواب: لا . لأننا نحن لا نعلم أن الشيء مقدر علينا إلا بعد أن يقع ، أما قبل أن يقع فإننا لا نعلم ماذا كتب لأنه من علم الغيب.
ثم نقول له : الآن أنت قبل أن تقع في الكفر أمامك شيئان : هداية وضلال فلماذا لا تسلك طريق الهداية مقدراً أن الله كتبه لك؟ لماذا تسلك طريق الضلال ثم بعد أن تسلكه تحتج بأن الله كتبه؟! لأننا نقول : لك قبل أن تدخل هذا الطريق هل عندك علم أنه مكتوب عليك ؟ فسيقول : لا . ولا يمكن أن يقول : نعم . فإذا قال : لا. قلنا : إذاً لماذا لم تسلك طريق الهداية وتقدر أن الله تعالى –كتب لك ذلك ولهذا يقول الله –عز وجل-: ]فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم[ (1) ويقول : –عز وجل -] فأما من أعطى . واتقى وصدق بالحسنى . فسنيسره لليسرى . وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسني . فسنيسره للعسرى[ (2) ولما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه: بأنه ما من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعدة من النار قالوا: يا رسول الله ألا ندع العمل ونتكل على الكتاب؟ قال: "لا ، اعملوا فكل ميسر لما خلق له" ثم قرأ قوله –تعالى -: ] فأما من أعطى واتقى . وصدق بالحسنى . فسنيسره لليسرى . وأما من بخل واستغنى . وكذب بالحسنى . فسنيسره للعسرى[ .
فهذا جوابنا على هذا السؤال الذي أورده هذا السائل وما أكثر من يحتج به من أهل الضلال ، وهو عجب منهم لأنهم لا يحتجون بمثل هذه الحجة على مسائل الدنيا أبداً ، بل تجدهم يسلكون في مسائل الدنيا ما هو أنفع لهم ، ولا يمكن لأحد أن يقال له : هذا الطريق الذي أمامك طريق وعر صعب، فيه لصوص ، وفيه سباع ، وهذا الطريق الثاني طريق سهل ، ميسر آمن. لا يمكن لأحد أن يسلك الطريق الأول ويدع الطريق الثاني مع أن هذا نظير الطريقين : طريق النار،وطريق الجنة. فالرسل بينت طريق الجنة وقالت : هو هذا ، وبينت طريق النار وقالت : هو هذا ، وحذرت من الثاني ورغبت في الأول ، ومع ذلك فإن هؤلاء العصاة يحتجون بقضاء الله وقدره –وهم لا يعلمونه –على معاصيهم ومعايبهم التي فعلوها باختيارهم وليس لهم في ذلك حجة عند الله-تعالى- .
فأجاب فضيلته بقوله : نعم الكفار مكتوب عملهم في الأزل ، ويكتب عمل الإنسان أيضاً عند تكوينه في بطن أمه كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – قال : حدثنا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، وهو الصادق المصدوق: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه –أربعين يوماً ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك فيؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه ، وأجله ، وعمله ، وشقي أم سعيد". فأعمال الكفار مكتوبة عند الله –عز وجل-معلومة عنده والشقي شقي عند الله – عز وجل ـ في الأزل ، والسعيد سعيد عند الله في الأزل. ولكن قد يقول قائل كما قال السائل : كيف يعذبون وقد كتب الله عليهم ذلك في الأزل؟
فنقول : إنهم يعذبون لأنهم قد قامت عليهم الحجة وبين لهم الطريق، فأرسلت إليهم الرسل ، وأنزلت الكتب ، وبين الهدى من الضلال ورُغِّبوا في سلوك طريق الهدى، وحُذِّروا من سلوك طريق الضلال ، ولهم عقول ولهم إرادات ، ولهم اختيارات ولهذا نجد هؤلاء الكفار وغيرهم أيضاً يسعون إلى مصالح الدنيا بإرادة واختيار ، ولا نجد أحداً منهم يسعى إلى شيء يضره في دنياه أو يتهاون ويتكاسل في أمر نافع له ، ثم يقول : إن هذا مكتوب علي. أبداً فكل يسعى إلى ما فيه المنفعة ، فكان عليهم أن يسعوا إلى ما فيه منفعة أمور دينهم كما يسعون إلى ما فيه المنفعة في أموردنياهم ، ولا فرق بينهما بل إن بيان الخير والشر في أمور الدين في الكتب المنزلة على الرسل ، عليهم الصلاة والسلام ، أكثر وأعظم من بيان الأمور الدنيوية ، فكان عليهم أن يسلكوا الطرق التي فيها نجاتهم والتي فيها سعادتهم دون أن يسلكوا الطرق التي فيها هلاكهم وشقاؤهم .
ثم نقول : هذا الكافر حين أقدم على الكفر لا يشعر أبداً أن أحد أكرهه، بل هو يشعر أنه فعل ذلك بإرادته واختياره ، فهل كان حين إقدامه على الكفر عالماً بما كتب الله له؟ والجواب: لا . لأننا نحن لا نعلم أن الشيء مقدر علينا إلا بعد أن يقع ، أما قبل أن يقع فإننا لا نعلم ماذا كتب لأنه من علم الغيب.
ثم نقول له : الآن أنت قبل أن تقع في الكفر أمامك شيئان : هداية وضلال فلماذا لا تسلك طريق الهداية مقدراً أن الله كتبه لك؟ لماذا تسلك طريق الضلال ثم بعد أن تسلكه تحتج بأن الله كتبه؟! لأننا نقول : لك قبل أن تدخل هذا الطريق هل عندك علم أنه مكتوب عليك ؟ فسيقول : لا . ولا يمكن أن يقول : نعم . فإذا قال : لا. قلنا : إذاً لماذا لم تسلك طريق الهداية وتقدر أن الله تعالى –كتب لك ذلك ولهذا يقول الله –عز وجل-: ]فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم[ (1) ويقول : –عز وجل -] فأما من أعطى . واتقى وصدق بالحسنى . فسنيسره لليسرى . وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسني . فسنيسره للعسرى[ (2) ولما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أصحابه: بأنه ما من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعدة من النار قالوا: يا رسول الله ألا ندع العمل ونتكل على الكتاب؟ قال: "لا ، اعملوا فكل ميسر لما خلق له" ثم قرأ قوله –تعالى -: ] فأما من أعطى واتقى . وصدق بالحسنى . فسنيسره لليسرى . وأما من بخل واستغنى . وكذب بالحسنى . فسنيسره للعسرى[ .
فهذا جوابنا على هذا السؤال الذي أورده هذا السائل وما أكثر من يحتج به من أهل الضلال ، وهو عجب منهم لأنهم لا يحتجون بمثل هذه الحجة على مسائل الدنيا أبداً ، بل تجدهم يسلكون في مسائل الدنيا ما هو أنفع لهم ، ولا يمكن لأحد أن يقال له : هذا الطريق الذي أمامك طريق وعر صعب، فيه لصوص ، وفيه سباع ، وهذا الطريق الثاني طريق سهل ، ميسر آمن. لا يمكن لأحد أن يسلك الطريق الأول ويدع الطريق الثاني مع أن هذا نظير الطريقين : طريق النار،وطريق الجنة. فالرسل بينت طريق الجنة وقالت : هو هذا ، وبينت طريق النار وقالت : هو هذا ، وحذرت من الثاني ورغبت في الأول ، ومع ذلك فإن هؤلاء العصاة يحتجون بقضاء الله وقدره –وهم لا يعلمونه –على معاصيهم ومعايبهم التي فعلوها باختيارهم وليس لهم في ذلك حجة عند الله-تعالى- .
الاطيوش- عدد المساهمات : 215
نقاط : 29197
تاريخ التسجيل : 08/11/2008
مواضيع مماثلة
» فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى في حكم التلفاز
» سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : عن السحر وحكم تعلمه ؟
» " كيف يعاقب الله على المعاصي وقد قدرها على الإنسان"؟للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله
» مجموعة فتاوي للشيخ ابن عثيمين رحمه الله فى الدنيا والاخرة 4
» مجموعة فتاوي للشيخ ابن عثيمين رحمه الله فى الدنيا والاخرة 5
» سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله : عن السحر وحكم تعلمه ؟
» " كيف يعاقب الله على المعاصي وقد قدرها على الإنسان"؟للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله
» مجموعة فتاوي للشيخ ابن عثيمين رحمه الله فى الدنيا والاخرة 4
» مجموعة فتاوي للشيخ ابن عثيمين رحمه الله فى الدنيا والاخرة 5
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى