مجموعة فتاوي للشيخ ابن عثيمين رحمه الله فى الدنيا والاخرة 2
صفحة 1 من اصل 1
مجموعة فتاوي للشيخ ابن عثيمين رحمه الله فى الدنيا والاخرة 2
( 145) وسئل فضيلته: عن مقدار لبث الدجال في الأرض؟
فأجاب بقوله: مقدار لبثه في الأرض: أربعون يوماً فقط، لكن يوم كسنة ، ويوم كشهر، ويوم كجمعة ، وسائر أيامه كأيامنا ، هكذا حدث النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الصحابة – رضي الله عنهم: يا رسول الله هذا اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم واحد ؟ قال : " لا ،اقدروا له قدره" انظروا إلى هذا المثال لنأخذ منه عبرة كيف كان تصديق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لرسول الله ما ذهبوا يحرفون ، أو يؤولون، أو يقولون :إن اليوم لا يمكن أن يطول لأن الشمس تجري في فلكها ولا تتغير ولكنه يطول لكثرة المشاق فيه وعظمها فهو يطول لأنه متعب بكسر العين ما قالوا هكذا كما يقول بعض المتحذلقين ، ولكن صدقوا بأن هذا اليوم سيكون اثني عشر شهراً حقيقة بدون تحريف وبدون تأويل، وهكذا حقيقة المؤمن ينقاد لما أخبر الله به ورسوله من أمور الغيب وإن حار فيها عقله ، لكن يجب أن تعلم أن خبر الله ورسوله لا يكون في شيء محال عقلاً لكن يكون في شيء تحار فيه العقول لأنها لا تدركه ، فالرسول ، صلى الله عليه وسلم أخبر أن أول يوم من أيام الدجال كسنة ، لو أن هذا الحديث مر على المتأخرين الذين يدعون أنهم هم العقلاء لقالوا : إن طوله مجاز عما فيه من التعب والمشقة لأن أيام السرور قصيرة ، وأيام الشرور طويلة ، ولكن الصحابة –رضي الله عنهم– من صفائهم وقبولهم سلموا في الحال وقالوا بلسان الحال : إن الذي خلق الشمس وجعلها تجري في أربع وعشرين ساعة في اليوم والليلة قادر على أن يجعلها تجري في اثني عشر شهراً؛ لأن الخالق واحد – عز وجل –فهو قادر ، ولذلك سلموا . وقالوا : كيف نصلي ؟ ما سألوا عن الأمر الكوني لأنهم يعلمون أن قدرة الله فوق مستواهم ، سألوا عن الأمر الشرعي الذين هم مكلفون به وهو الصلاة، وهذا والله حقيقة الانقياد والقبول قالوا : يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: "لا اقدروا له قدره" وسبحان الله العظيم إذا تأملت تبين لك أن هذا الدين تام كامل لا يمكن أن تكون مسألة يحتاج الناس إليها إلى يوم القيامة إلا وجد لها أصل، كيف أنطق الله الصحابة أن يسألوا هذا السؤال؟ أنطقهم الله حتى يكون الدين كاملاً لا يحتاج إلى تكميل ، وقد احتاج الناس إلى هذا الآن في المناطق القطبية يبقى الليل فيها ستة أشهر والنهار ستة أشهر فنحتاج إلى هذا الحديث ، انظر كيف أفتى الرسول صلى الله عليه وسلم ، هذه الفتوى قبل أن تقع هذه المشكلة لأن الله –تعالى – قال في كتابه : }اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي{ (1) والله لو نتأمل الكلمة } أكملت لكم دينكم { لعلمنا أنه لا يوجد شيء ناقص في الدين أبداً ، فهو كامل من كل وجه ، لكن النقص فينا ؛ إما قصور في عقولنا ، أو في أفهامنا ، أو في إرادات ليست منضبطة يكون الإنسان يريد أن ينصر قوله فيعمى عن الحق – نسأل الله العافية – فلو أننا نظرنا في علم ، وفهم ، وحسن نية لوجدنا أن الدين ولله الحمد لا يحتاج إلى مكمل ، وأنه لا يمكن أن تقع مسألة صغيرة ولا كبيرة ، إلا وجد حلها في الكتاب والسنة، لكن لما كثر الهوى وغلب على الناس صار بعض الناس يعمى عليهم الحق ويخفى عليهم وتجدهم إذا نزلت فيهم الحادثة التي لم تكن معروفة من قبل بعينها وإن كان جنسها معروفاً تجدهم يختلفون فيها أكثر من أصابعهم ، إذا كانت تحتمل قولين وجدت فيها عشرة ، كل هذا لأن الهوى غلب على الناس الآن ، وإلا فلو كان القصد سليماً والفهم صافياً والعلم واسعاً لتبين الحق.
على كل حال ، أقول : إن الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، أخبر أن الدجال يبقى أربعين يوماً وبعد الأربعين يوماً ينزل المسيح عيسى بن مريم الذي رفعه الله إليه وقد جاء في الأحاديث الصحيحة " أنه ينزل عند المنارة البيضاء ، شرقي دمشق ، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين ، إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ فلا يحل لكافر يجد ريحه إلا مات". وهذه من آيات الله فيلحق الدجال عند باب لد في فلسطين فيقتله هناك ،وحينئذ يقضي عليه نهائياً ، ولا يقبل عيسى ، عليه الصلاة والسلام ، إلا الإسلام لا يقبل الجزية ، ويكسر الصليب ويقتل الخنزير فلا يعبد إلا الله ، وعلى هذا فالجزية التي فرضها الإسلام جعل الإسلام لها أمداً تنتهي إليه عند نزول عيسى ، ولا يقال : إن هذا تشريع من عيسى عليه الصلاة والسلام ، لأن الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، أخبر بذلك مقراً له ، فوضع الجزية عند نزول عيسى عليه الصلاة والسلام ، من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم : قوله وفعله وإقراره ، وكونه يتحدث عن عيسى ابن مريم مقراً له فهذا من سنته ، وإلا فإن عيسى لا يأتي بشرع جديد ولا أحد يأتي بشرع جديد ، ليس إلا شرع محمد ، عليه الصلاة والسلام ، إلى يوم القيامة ، هذا ما يتعلق بالدجال نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من فتنته.
( 146) وسئل فضيلة الشيخ : هل الدجال من بني آدم ؟
فأجاب قائلاً: الدجال من بني آدم . وبعض العلماء يقول : إنه شيطان. وبعضهم يقول : إن أباه أنسي وأمه جنية ، وهذه الأقوال ليست صحيحة ، فالذي يظهر أن الدجال من بني آدم ، وأنه يحتاج إلى الأكل والشرب وغير ذلك ، ولهذا يقتله عيسى قتلاً عادياً كما يقتل البشر.
( 147) وسئل فضيلته: هل الدجال موجود الآن؟
فأجاب بقوله: الدجال غير موجود لأن الرسول ، صلى الله عليه وسلم خطب الناس في آخر حياته وقال : "إنه على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها اليوم أحد" . وهذا خبر ، وخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، لا يدخله الكذب وهو متلقى من الوحي لأن النبي ، صلى الله عليه وسلم لا يعلم مثل هذا الغيب فهو غير موجود ولكن الله يبعثه متى شاء.
( 148) سئل فضيلة الشيخ: ذكرتم في الفتوى السابقة رقم "147" أن الدجال غير موجود الآن وهذا الكلام ظاهره يتعارض مع حديث فاطمة بنت قيس في الصحيح عن قصة تميم الداري فنرجو من فضيلتكم التكرم بتوضيح ذلك؟
فأجاب بقوله: ذكرنا هذا مستدلين بما ثبت في الصحيحين عن النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : "إنه على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها اليوم أحد" . فإذا طبقنا هذا الحديث على حديث تميم الداري صار معارضاً له ، لأن ظاهر حديث تميم الداري أن هذا الدجال يبقى حتى يخرج فيكون معارضاً لهذا الحديث الثابت في الصحيحين ، وأيضاً فإن سياق حديث تميم الداري في ذكر الجساسة في نفسي منه شيء هل هو من تعبير الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، أو لا .
( 149) وسئل فضيلته : عن قول بعض أهل العلم : إن الرسل الذين أنذروا أقوامهم الدجال لم ينذروهم بعينه وإنما أنذروهم بجنس فتنته؟
فأجاب بقوله: هذا القول الضعيف ، بل هو نوع من التحريف لأن الرسول ، صلى الله عليه وسلم، أخبر بأنه ما من نبي إلا أنذر به قومه بعينه كما في صحيح مسلم أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : "ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب" وسبق لنا بيان الحكمة من إنذار الرسل به ، ولكن يجب علينا أن نعلم أن جنس هذه الفتنة موجود حتى في غير هذا الرجل ، يوجد من بني آدم الآن من يضل الناس بحاله ومقاله وبكل ما يستطيع، وتجد أن الله – سبحانه وتعالى – بحكمته أعطاه بياناً وفصاحة } ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة{ (1) فعلى المرء إذا سمع مثل هذه الفتن التي تكون لأهل البدع من أناس يبتدعون في العقائد، وأناس يبتدعون في السلوك وغير ذلك ، يجب عليه أن يعرض هذه البدع على الكتاب والسنة وأن يَحْذَرَ ويُحَذِّرَ منها وأن لا يغتر بما تكسى به من زخارف القول ، فإن هذه الزخارف كما قيل فيها:
حجج تهافت كالزجاج تخالها حقاً وكل كاسر مكسور
فالدجال المعين لا شك أن فتنته أعظم شيء يكون ، لكن هناك دجاجلة يدجلون على الناس ويموهون عليهم ، فيجب الحذر منهم ، ومعرفة إراداتهم ونياتهم ، ولهذا قال الله تعالى في المنافقين:} هم العدو فاحذرهم{ (2) مع أنه قال: } وإن يقول :وا تسمع لقولهم{ (3) يعني بيانه، وفصاحته ، وعظمه ، يجرك جرّاً إلى أن تسمع ، لكن كأنهم خشب مسندة حتى الخشب ما هي قائمة بنفسها ، مسندة تقوم على الجدار فهي لا خير فيها.
فهؤلاء الذين يزينون للناس بأساليب القول سواء في العقيدة ، أو في السلوك ، أو في المنهج يجب الحذر منهم ، وأن تعرض أقوالهم ، وأفعالهم على كتاب الله وسنة رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، فما خالفهما فهو باطل مهما كان ، ولا تقولن : إن هؤلاء القوم أعطوا فصاحة وبياناً لينصروا الحق ، فإن الله تعالى قد يبتلي فيعطي الإنسان فصاحة وبياناً وإن كان على باطل كما ابتلى الله الناس بالدجال وهو على باطل بلا شك.
فأجاب بقوله: مقدار لبثه في الأرض: أربعون يوماً فقط، لكن يوم كسنة ، ويوم كشهر، ويوم كجمعة ، وسائر أيامه كأيامنا ، هكذا حدث النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الصحابة – رضي الله عنهم: يا رسول الله هذا اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم واحد ؟ قال : " لا ،اقدروا له قدره" انظروا إلى هذا المثال لنأخذ منه عبرة كيف كان تصديق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لرسول الله ما ذهبوا يحرفون ، أو يؤولون، أو يقولون :إن اليوم لا يمكن أن يطول لأن الشمس تجري في فلكها ولا تتغير ولكنه يطول لكثرة المشاق فيه وعظمها فهو يطول لأنه متعب بكسر العين ما قالوا هكذا كما يقول بعض المتحذلقين ، ولكن صدقوا بأن هذا اليوم سيكون اثني عشر شهراً حقيقة بدون تحريف وبدون تأويل، وهكذا حقيقة المؤمن ينقاد لما أخبر الله به ورسوله من أمور الغيب وإن حار فيها عقله ، لكن يجب أن تعلم أن خبر الله ورسوله لا يكون في شيء محال عقلاً لكن يكون في شيء تحار فيه العقول لأنها لا تدركه ، فالرسول ، صلى الله عليه وسلم أخبر أن أول يوم من أيام الدجال كسنة ، لو أن هذا الحديث مر على المتأخرين الذين يدعون أنهم هم العقلاء لقالوا : إن طوله مجاز عما فيه من التعب والمشقة لأن أيام السرور قصيرة ، وأيام الشرور طويلة ، ولكن الصحابة –رضي الله عنهم– من صفائهم وقبولهم سلموا في الحال وقالوا بلسان الحال : إن الذي خلق الشمس وجعلها تجري في أربع وعشرين ساعة في اليوم والليلة قادر على أن يجعلها تجري في اثني عشر شهراً؛ لأن الخالق واحد – عز وجل –فهو قادر ، ولذلك سلموا . وقالوا : كيف نصلي ؟ ما سألوا عن الأمر الكوني لأنهم يعلمون أن قدرة الله فوق مستواهم ، سألوا عن الأمر الشرعي الذين هم مكلفون به وهو الصلاة، وهذا والله حقيقة الانقياد والقبول قالوا : يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: "لا اقدروا له قدره" وسبحان الله العظيم إذا تأملت تبين لك أن هذا الدين تام كامل لا يمكن أن تكون مسألة يحتاج الناس إليها إلى يوم القيامة إلا وجد لها أصل، كيف أنطق الله الصحابة أن يسألوا هذا السؤال؟ أنطقهم الله حتى يكون الدين كاملاً لا يحتاج إلى تكميل ، وقد احتاج الناس إلى هذا الآن في المناطق القطبية يبقى الليل فيها ستة أشهر والنهار ستة أشهر فنحتاج إلى هذا الحديث ، انظر كيف أفتى الرسول صلى الله عليه وسلم ، هذه الفتوى قبل أن تقع هذه المشكلة لأن الله –تعالى – قال في كتابه : }اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي{ (1) والله لو نتأمل الكلمة } أكملت لكم دينكم { لعلمنا أنه لا يوجد شيء ناقص في الدين أبداً ، فهو كامل من كل وجه ، لكن النقص فينا ؛ إما قصور في عقولنا ، أو في أفهامنا ، أو في إرادات ليست منضبطة يكون الإنسان يريد أن ينصر قوله فيعمى عن الحق – نسأل الله العافية – فلو أننا نظرنا في علم ، وفهم ، وحسن نية لوجدنا أن الدين ولله الحمد لا يحتاج إلى مكمل ، وأنه لا يمكن أن تقع مسألة صغيرة ولا كبيرة ، إلا وجد حلها في الكتاب والسنة، لكن لما كثر الهوى وغلب على الناس صار بعض الناس يعمى عليهم الحق ويخفى عليهم وتجدهم إذا نزلت فيهم الحادثة التي لم تكن معروفة من قبل بعينها وإن كان جنسها معروفاً تجدهم يختلفون فيها أكثر من أصابعهم ، إذا كانت تحتمل قولين وجدت فيها عشرة ، كل هذا لأن الهوى غلب على الناس الآن ، وإلا فلو كان القصد سليماً والفهم صافياً والعلم واسعاً لتبين الحق.
على كل حال ، أقول : إن الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، أخبر أن الدجال يبقى أربعين يوماً وبعد الأربعين يوماً ينزل المسيح عيسى بن مريم الذي رفعه الله إليه وقد جاء في الأحاديث الصحيحة " أنه ينزل عند المنارة البيضاء ، شرقي دمشق ، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين ، إذا طأطأ رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ فلا يحل لكافر يجد ريحه إلا مات". وهذه من آيات الله فيلحق الدجال عند باب لد في فلسطين فيقتله هناك ،وحينئذ يقضي عليه نهائياً ، ولا يقبل عيسى ، عليه الصلاة والسلام ، إلا الإسلام لا يقبل الجزية ، ويكسر الصليب ويقتل الخنزير فلا يعبد إلا الله ، وعلى هذا فالجزية التي فرضها الإسلام جعل الإسلام لها أمداً تنتهي إليه عند نزول عيسى ، ولا يقال : إن هذا تشريع من عيسى عليه الصلاة والسلام ، لأن الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، أخبر بذلك مقراً له ، فوضع الجزية عند نزول عيسى عليه الصلاة والسلام ، من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم : قوله وفعله وإقراره ، وكونه يتحدث عن عيسى ابن مريم مقراً له فهذا من سنته ، وإلا فإن عيسى لا يأتي بشرع جديد ولا أحد يأتي بشرع جديد ، ليس إلا شرع محمد ، عليه الصلاة والسلام ، إلى يوم القيامة ، هذا ما يتعلق بالدجال نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من فتنته.
( 146) وسئل فضيلة الشيخ : هل الدجال من بني آدم ؟
فأجاب قائلاً: الدجال من بني آدم . وبعض العلماء يقول : إنه شيطان. وبعضهم يقول : إن أباه أنسي وأمه جنية ، وهذه الأقوال ليست صحيحة ، فالذي يظهر أن الدجال من بني آدم ، وأنه يحتاج إلى الأكل والشرب وغير ذلك ، ولهذا يقتله عيسى قتلاً عادياً كما يقتل البشر.
( 147) وسئل فضيلته: هل الدجال موجود الآن؟
فأجاب بقوله: الدجال غير موجود لأن الرسول ، صلى الله عليه وسلم خطب الناس في آخر حياته وقال : "إنه على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها اليوم أحد" . وهذا خبر ، وخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، لا يدخله الكذب وهو متلقى من الوحي لأن النبي ، صلى الله عليه وسلم لا يعلم مثل هذا الغيب فهو غير موجود ولكن الله يبعثه متى شاء.
( 148) سئل فضيلة الشيخ: ذكرتم في الفتوى السابقة رقم "147" أن الدجال غير موجود الآن وهذا الكلام ظاهره يتعارض مع حديث فاطمة بنت قيس في الصحيح عن قصة تميم الداري فنرجو من فضيلتكم التكرم بتوضيح ذلك؟
فأجاب بقوله: ذكرنا هذا مستدلين بما ثبت في الصحيحين عن النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : "إنه على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها اليوم أحد" . فإذا طبقنا هذا الحديث على حديث تميم الداري صار معارضاً له ، لأن ظاهر حديث تميم الداري أن هذا الدجال يبقى حتى يخرج فيكون معارضاً لهذا الحديث الثابت في الصحيحين ، وأيضاً فإن سياق حديث تميم الداري في ذكر الجساسة في نفسي منه شيء هل هو من تعبير الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، أو لا .
( 149) وسئل فضيلته : عن قول بعض أهل العلم : إن الرسل الذين أنذروا أقوامهم الدجال لم ينذروهم بعينه وإنما أنذروهم بجنس فتنته؟
فأجاب بقوله: هذا القول الضعيف ، بل هو نوع من التحريف لأن الرسول ، صلى الله عليه وسلم، أخبر بأنه ما من نبي إلا أنذر به قومه بعينه كما في صحيح مسلم أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : "ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب" وسبق لنا بيان الحكمة من إنذار الرسل به ، ولكن يجب علينا أن نعلم أن جنس هذه الفتنة موجود حتى في غير هذا الرجل ، يوجد من بني آدم الآن من يضل الناس بحاله ومقاله وبكل ما يستطيع، وتجد أن الله – سبحانه وتعالى – بحكمته أعطاه بياناً وفصاحة } ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة{ (1) فعلى المرء إذا سمع مثل هذه الفتن التي تكون لأهل البدع من أناس يبتدعون في العقائد، وأناس يبتدعون في السلوك وغير ذلك ، يجب عليه أن يعرض هذه البدع على الكتاب والسنة وأن يَحْذَرَ ويُحَذِّرَ منها وأن لا يغتر بما تكسى به من زخارف القول ، فإن هذه الزخارف كما قيل فيها:
حجج تهافت كالزجاج تخالها حقاً وكل كاسر مكسور
فالدجال المعين لا شك أن فتنته أعظم شيء يكون ، لكن هناك دجاجلة يدجلون على الناس ويموهون عليهم ، فيجب الحذر منهم ، ومعرفة إراداتهم ونياتهم ، ولهذا قال الله تعالى في المنافقين:} هم العدو فاحذرهم{ (2) مع أنه قال: } وإن يقول :وا تسمع لقولهم{ (3) يعني بيانه، وفصاحته ، وعظمه ، يجرك جرّاً إلى أن تسمع ، لكن كأنهم خشب مسندة حتى الخشب ما هي قائمة بنفسها ، مسندة تقوم على الجدار فهي لا خير فيها.
فهؤلاء الذين يزينون للناس بأساليب القول سواء في العقيدة ، أو في السلوك ، أو في المنهج يجب الحذر منهم ، وأن تعرض أقوالهم ، وأفعالهم على كتاب الله وسنة رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، فما خالفهما فهو باطل مهما كان ، ولا تقولن : إن هؤلاء القوم أعطوا فصاحة وبياناً لينصروا الحق ، فإن الله تعالى قد يبتلي فيعطي الإنسان فصاحة وبياناً وإن كان على باطل كما ابتلى الله الناس بالدجال وهو على باطل بلا شك.
الاطيوش- عدد المساهمات : 215
نقاط : 29197
تاريخ التسجيل : 08/11/2008
مواضيع مماثلة
» مجموعة فتاوي للشيخ ابن عثيمين رحمه الله فى الدنيا والاخرة 5
» مجموعة فتاوي للشيخ ابن عثيمين رحمه الله فى الدنيا والاخرة 1
» مجموعة فتاوي للشيخ ابن عثيمين رحمه الله فى الدنيا والاخرة 3
» مجموعة فتاوي للشيخ ابن عثيمين رحمه الله فى الدنيا والاخرة 4
» " كيف يعاقب الله على المعاصي وقد قدرها على الإنسان"؟للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله
» مجموعة فتاوي للشيخ ابن عثيمين رحمه الله فى الدنيا والاخرة 1
» مجموعة فتاوي للشيخ ابن عثيمين رحمه الله فى الدنيا والاخرة 3
» مجموعة فتاوي للشيخ ابن عثيمين رحمه الله فى الدنيا والاخرة 4
» " كيف يعاقب الله على المعاصي وقد قدرها على الإنسان"؟للشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى