فيلم اسف علي الازعاج

عندما انتهى المشهد الشهير (إحنا في زمن المسخ) في فيلم عمارة يعقوبيان، تساءل الجمهور والنقاد، لماذا أضاع عادل إمام مشواره الفني في أفلام الكوميديا، ولم يقم بصناعة فيلم درامي يظهر فيه مواهبه الحقيقية.. يبدو أن أحمد حلمي فهم هذا الدرس مبكراً، وقدم فيلماً درامياً.. سيكون تاريخياً ومحورياً في مشواره.

كل المؤشرات كانت تؤكد أن أحمد حلمي لا يمكن أن يجازف أبداً في هذا الوقت الذي تتشكل فيه نجوميته ويتنازل عن تقديم فيلم كوميدي صافي في موسم الصيف الساخن، لكنه وبكل جرأة خرج على جمهوره بفيلم (آسف على الإزعاج) الذي سالت فيه دموع المشاهدين في عدد من المشاهد شديدة التأثير، قدم فيها حلمي تمثيلاً عالمياً نال تصفيق الجمهور عدة مرات أثناء العرض.
زي وشكم

سينما (أوديون) كانت هي ملاذنا الوحيد، لمشاهدة فيلم أحمد حلمي الجديد، فهي تعتبر من أرخص دور العرض. دعك من الجنيهات الثلاثة التي "لطشها" موظف الشباك لقوله: "عشان أجيب لكم مكان حلو زي وشكم".. رضينا بدفع رشوة رغماً عن "وشنا"؛ لأن العرض كان على وشك البدء.

3 دقائق كانت هي مدة إعلان "بحر النجوم" الذي شهد تصفيق وصفافير الجمهور لمشاهدة هيفاء وهبي وأخواتها على الشاشة الكبيرة، وبعدها بدأ الفيلم..
استراحة:

أن تقوم بتحليل عمل سينمائي، أمامك خيار من اثنين: إما أن تكتب لمن شاهدوا العمل فتحكي وتحلل القصة، فتنجح بكل "بجاحة" في "حرق" قصة الفيلم، وإما أن تكتب لمن لم يشاهدوا الفيلم، و"تمشي على طراطيف صوابعك" حتى لا يغضب منك هؤلاء.. سأضطر هنا إلى أن أكون حريصاً وأرضي الطرفين.
أيمن وخالد

مهما أخبرك الناس من أن قصة (آسف على الإزعاج) مستوحاة من عدد من الأفلام الأمريكية، فلا تلق بالاً بذلك، فحتى لو كانت قصة الفيلم "مسروقة حرفياً"، وهو ما لم يحدث بالطبع، فيكفيك أن تستمع بأداء حلمي والعملاق محمود حميدة والقديرة دلال عبد العزيز اللذين جددا شبابهما في هذا العمل.

ففي التجربة الثانية للمؤلف أيمن بهجت قمر، نجح في صياغة عمل اهتم فيه بكل تفصيلة، كعادة أفلام أحمد حلمي، فالسيناريو رغم تعقيده، كان بالغ الإحكام، وإذا فكرت مراراً في أي تفصيلة ستجد أن مبررها الدرامي موجود.

ولكن حبكة السيناريو ما كانت لتتم بهذا الإتقان لولا الإخراج. وهذا له حكاية أخرى، فخالد مرعي ينفذ ثاني أعماله بعد (تيمور وشفيقة)، وهو في الأساس من قام بمونتاج 13 فيلماً من أجمل ما قدم في السينما المصرية في الأعوام السابقة، ومنها "عمارة يعقوبيان – ظرف طارق – بحب السيما – تيتو – أيام السادات - سهر الليالي – جعلتني مجرماً".

خالد الذي يجلس طويلاً أمام ماكينات المونتاج بعد تصوير هذه الأفلام، رأى نقاط القوة في أبطال فيلمه من خلال خبرة الأعمال السابقة. استخرج لحظات صرامة وشموخ محمود حميدة في "بحب السيما"، واستحضر الجانب الدرامي في أداء أحمد حلمي في "ظرف طارق" و"جعلتني مجرماً"، وقام بصناعة فيلم جميل يستحق المشاهدة عدة مرات.
تابوهات:

يبدو أنه موسم كسر التابوهات..

أولاً: تسويقياً: أحمد حلمي يقدم فيلماً درامياً.. والمفارقة الثانية أنه يقدمه في فصل الصيف.. المفارقة الثالثة أنه جاء بعد أسبوعين فقط من نزول فيلم عادل إمام وعمر الشريف (حسن ومرقص)!

ثانياً: فنياً: رغم أن أحمد حلمي يحرص دوماً على اختيار أدوار تكون قريبة من المجتمع، (مندوب إعلانات في جعلتني مجرماً)، (موظف في شركة محمول في ظرف طارق)، (عاطل عن العمل في كده رضا)، إلا أنه أقدم على مجازفة كبيرة عند اختيار دور مهندس طيران من عيلة القوم، ينفق ببذخ، فوالده طيار ووالدته مديرة بنك، إلا أن الحبكة الدرامية ستجعلك تتعاطف معه وتنسى الترف والنعيم الذي يعيش فيه.

ثالثاً: سياسياً: أن يتم ذكر الرئيس مبارك في أي فيلم فهذا أمر معتاد.. أن يرسل بطل أي فيلم خطاب إلى الرئيس، فهذا أصبح عادياً بعد (جواز بقرار جمهوري)، ناهيك عن فيلم طباخ الريس (الذي لم يظهر فيه مبارك).. بعيداً عن كل هذا، ظهر أحمد حلمي في العمل وهو في مشهد جرئ أمام القصر الجمهوري بعد أن أرسل 1300 خطاب.. بلا مجيب!
أبيع يا باشا!

احتار (حسن) أو أحمد حلمي في نهاية العمل، عندما وُضع بين خيارين: هل يبيع مبادئه أم لا؟.. اختار (حسن) أن يبيع (ولكن ليس مبادئه).. فعلى الجميع أن يسأل نفسه: ماذا لو كان مكانه؟

(حسن) أحب وطنه وأحب المكوث فيه.. لكن كثيراً منا لو كان مكانه لاختار نصيحة أبيه ولباع أفكاره ومبادئه لأول من يدفع.. فلا أحد يستطيع أن يأكل "هوية" أو أن يشرب "انتماء".. لذلك أحب أصحاب العمل أن ينتهي العمل نهاية سعيدة لكل الأطراف.. وقد كانت سعيدة بحق، فقد ظن كثيرون أن مشهد النهاية هو مشهد الذروة في الفيلم.. ولكن حمداً لله لم يكن!

(حسن) كتب في خطابة الأخير للرئيس: آسف على الإزعاج.. ونحن نرد نيابة عنه: أسفك مقبول.. ويارب تزعجه دايماً!


استمتعوا بالمشاهدة

اضغط هنا لمشاهدة

اههوووووووووووو فيلم صح من افلام احمد حلمي

امنووررر جون سينا